Octobre 2021

تاريخ كلّيتنا: من مدرسة جنيف للمترجمين الفوريين إلى كلّية الترجمة... 80 عاما في خدمة التواصل متعدد اللغات

اقرأ هذا المقال بلغات أخرى : FR EN DE ES IT RU

Frise historique de la FTI

تأسيس مدرسة جنيف للمترجمين الفوريين (EIG)
 من مدرسة جنيف للمترجمين الفوريين (EIG) إلى مدرسة الترجمة (ETI)
دمج معهد الدراسات الدلالية والمعرفية مع مدرسة الترجمة
من مدرسة الترجمة (ETI) إلى كليّة الترجمة (FTI)


تأسيس مدرسة جنيف للمترجمين الفوريين (EIG)


Antoine Vellemann

 

 

 

 

 

         

      أنطوان فيليمان

يعود الفضل في تأسيس كلية الترجمة (FTI) إلى عبقرية رجل استثنائي ذي بصيرة يدعى أنطوان فيليمان، ولد في فيينا سنة 1875. كان فيليمان مترجما لدى عصبة الأمم، مختصّا في فقه اللغة والصناعة المعجمية، ويتقن اثنتي عشرة لغة منها ثماني لغات شائعة. وكان يحظى بالتقدير لما يملكه من خصال إنسانية منها التربية والكرم والمثابرة. علم فيليمان منذ البداية علم اليقين أن العالم سيحتاج قريبا إلى من أطلق عليهم اسم "الوسطاء اللغويين المدرَّبين"، وكان هذا دافعه لتأسيس مدرسة جنيف للمترجمين الفوريين سنة 1941 التي أشرف على إدارتها طيلة السنوات العشر الأولى.

 وتتميّز جنيف بتاريخ حافل في مجال التعاون الدولي، لذلك، كانت الإطار المثالي لتنفيذ مثل هذا المشروع. وبناء على اقتراح من أنطوان فيليمان، أصدر مجلس الدولة في جنيف يوم 13 أيار/مايو 1941 القرار المتعلق بإنشاء مدرسة المترجمين الفوريين التي كانت حينها معهدا تابعا لكلية الآداب في جامعة جنيف. وشدّد هذا القرار على أن المدرسة يجب ألا تثقل كاهل الدّولة بأيّ نفقات إضافية، ولهذا السبب، كان تمويل المدرسة يأتي أساسا من رسوم التسجيل التي يدفعها الطلاب والطالبات حتى سنة 1946. وكان أنطوان فيليمان متفانيا في هذا المشروع، إذ قدم من أجله تضحيات مالية شخصية مثل إتاحة مكتبه الخاص في شارع مارك - مونيه رقم 5، لاستضافة المدرسة وطلابها. وأمّا أعضاء هيئة التدريس، فقد قبلوا أحياناً العمل مجانا ولفترات طويلة. ولكن رغم التحديات المالية وعدم توفر مقرّ خاص بالمدرسة وعدم ارتباطها المباشر بالجامعة، لم تضعُف عزيمة هذه المجموعة الصغيرة من الرّواد وتصميمهم على متابعة المشروع.

 "جاء قراري بأن أصبح مترجمة فوريّة بصفة طبيعية، فرغم أننا كنّا   نعيش فترة حرب، كنا نأمل أن يأتي السلام قريبا. والسلام يأتي دائما مقرونا بمفاوضات. وكنا نعتقد حقّا أن مهنة المترجم الفوري مثيرة للاهتمام. وكنا قد سمعنا عن بعض المترجمين الفوريين لدى عصبة الأمم وكانوا فعلا مثيرين الإعجاب، مثل جون هيربرت. وكنا نأمل أن نسير على خطاهم كيفما أمكن ذلك. لقد حملتنا دوامة حقيقية إلى منطقة جديدة ومبهرة – لكن في الوقت نفسه كان يراودنا سؤال عما إذا كنا حينها مجرّد فئران تجارب" (مقتطف من مقابلة مع إيريس فونوو دوبلر)

 وعرفت المدرسة نجاحا فوريا، إذ تزامن تأسيسها مع نهاية الحرب وانعقاد المؤتمرات متعددة اللغات في أوروبا ما بعد الحرب (مثل محاكمة نورمبرغ سنة 1946). والأرقام لا تكذب: ففي السنة الأولى، كانت هيئة التدريس تتألف من أربعة أعضاء أشرفوا على تدريس عشرين طالبة وطلابا بخمس لغات (الإنكليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية والفرنسية)؛ وبحلول نهاية السنة الثانية، بلغ عدد أعضاء هيئة التدريس 30 عضوا أشرفوا على تدريس 200 طالب من الطامحين والطامحات إلى امتهان الترجمة الفورية بما يصل إلى 19 لغة. وخلال العودة المدرسية لسنة 1944-1945، وصل عدد الطلاب إلى 486 طالبا وعدد اللغات التي تُدرّس إلى 25 لغة. ولمواكبة هذا النمو السريع، انتقلت المدرسة لأول مرّة إلى مقرّ جديد سنة 1947 وكان ذلك في شقة تقع في شارع سانت فيكتور رقم 4. وفي ذلك الوقت، كانت المدرسة تمنح ثلاث شهادات: شهادة مترجم وشهادة مترجم شفوي/تحريري، وشهادة مترجم شفوي-برلماني.

 وتقاعد أنطوان فيليمان بعد عشر سنوات من العمل على تطوير مدرسته، وعهد بالإدارة إلى السيد سفين ستيلينج-ميشو. وهو مؤرخ ولغوي يشاطر أنطوان فيليمان رؤيته للترجمة الفورية على أنها ترتبط ارتباطا وثيقا باعتبارات السياسة الدولية. وعمل سفين بدوره بلا كلل لمدة 17 سنة لتعزيز مكانة المدرسة. وفي حين كان أسلوب التعليم الذي وضعه أنطوان فيليمان هو الممارسة العملية في المقام الأول، زاد سفين ستيلينج-ميشو من التركيز على الجانب الأكاديمي للمعهد وبذل قصارى جهده لزيادة رفع مستوى التعليم. وكمثال على ذلك، كان التدريس تحت إشراف أنطوان فيليمان يقتصر على الترجمة الشفوية التتبعيّة؛ ولكن تحت إشراف سفين ستيلينج-ميشو، حصل هذا الأخير سنة 1953 على غرفة خاصة بالترجمة الفورية، تمّ تجهيزها بفضل منحة سخية من شركة إي بي إم (IBM)، بعشر مقصورات ومعدات لتدريس الترجمة الشفوية الفورية، التي أصبحت مفروضة بعد محاكمة نورمبرغ.

La salle d’interprétation de l’EIG صورة غرفة الترجمة الشفوية الفورية

خلال الفترة ذاتها، تم إنشاء مكتبة متخصّصة في الطابق السفلي من مبنى باستيون التابع لجامعة جنيف. وكبر حجم هذه المكتبة شيئا فشيئا بفضل التبرعات، إذ كانت تتألف في البداية من كتب كان يملكها أنطوان فيليمان نفسه (قواميس أحادية، وقواميس متعددة اللغات، وكتب فنية، وكتب الوثائق المتعلقة بالمؤسسات الدولية الرئيسية).

La bibliothèque de l’EIGصورة للمكتبة

 بعد النجاح الساحق الذي حققته المدرسة، وقع فصلها عن كلية الآداب سنة 1955، وأصبحت معترفا بها كأحد المعاهد الجامعية الأربعة المستقلة.

 وعمل سفين ستيلينج-ميشو كذلك على تطوير العلاقات مع الخارج. وكان أحدَ القائمين على المؤتمر السنوي لمديري مدارس المترجمين الفوريين الجامعيين، الذي يضم مدرسة جنيف وهيدلبرغ وماينس-غيميرزهايم وساربروك وفيينا وباريس وترييستا وواشنطن، ويقع فيه تبادل الآراء على المستويات المنهجية والتقنية والمهنية. وسنة 1960، دعمت مدرسة الترجمة إنشاء شبكة من المدارس الجامعية (سميت المؤتمر الدولي الدائم للمعاهد الجامعية لتدريب المترجمين التحريريين والفوريين)، وكان ذلك دليلا على رغبتها في منح هذه التخصصات الجديدة مركزا وقيمة أكاديميين. واضطلعت المدرسة لسنوات عديدة بمهام الأمانة العامة لهذه الشبكة.

وأصبح نوربرت هيغديه مدير مدرسة الترجمة سنة 1968، وكان مختصّا في اللغويات له دكتوراه في الآداب من جامعة جنيف، وتواكب قدومه مع بداية الإصلاحات. وفي سياق حركات الاحتجاج التي وقعت في أيار/مايو 1968، اقترح نوربرت هيغديه إجراء مشاورات عامة مع هيئات التدريس والطلاب لمناقشة تعديل المناهج الدراسية وإعادة تصميم البرنامج. وكان ذلك سعيا منه إلى الحفاظ على مستوى التعليم وجودته وتعزيز الروح المهنية في المدرسة عن طريق الحد من عدد اللغات المقترحة وتوحيد نوعية الدروس وطرق تدريب الطالبات والطلاب. وعملت هيلين فايندلر عن كثب مع نوربرت هيغديه على صياغة هذه الإصلاحات وتنفيذها، وكانت هيلين فايندلر مترجمة فورية لدى منظمة الصحة العالمية، وعضوا في هيئة التدريس منذ إنشاء مدرسة المترجمين الفوريين، بدأت مسيرتها كأستاذة ترجمة تحريرية، ثم انتقلت إلى تدريس الترجمة الفورية في وقت لاحق. وتركت والدة هيلين، روزا، وصية أُنشئ بموجبها صندوق هيلين وروزا فايندلر، وهو صندوق مازال يقدم إلى اليوم مساعدات مالية إضافية للطالبات والطلاب في كلية الترجمة.

Salle de cours à l’EIG
قاعة الدروس

من مدرسة جنيف للمترجمين الفوريين (EIG) إلى مدرسة الترجمة (ETI)


بعد سنوات من العمل الدؤوب، وافق مجلس الدولة في جنيف سنة 1972 على التقرير المتعلق بإصلاح مدرسة المترجمين الفوريين. وتمخض ذلك عن ثلاثة تغييرات رئيسية: أولا، تغيير اسم المؤسسة إلى مدرسة الترجمة (ETI)، وهو تغيير جاء ليعزز استقلالية الترجمة التحريرية عن الترجمة الفورية، وذلك عن طريق تفضيل استعمال مصطلحي "الترجمة التحريرية والترجمة الفورية" على مصطلحي "المترجمون التحريريون والمترجمون الشفويون"، وتسليط الضوء على الطابع الأكاديمي للمدرسة بدل الطابع المهني المحض؛ وثانيا، أصبحت اللغات التي تتيحها المدرسة تقتصر على سبع لغات فقط: الفرنسية والألمانية والإيطالية والإنجليزية والإسبانية، والعربية والروسية وهذه هي اللغات المعمول بها إلى اليوم. وأخيرا، تطوير هيكل المدرسة عن طريق فصل دورة تعليم الترجمة التحريرية عن دورة تعليم الترجمة الشفوية. وتندرج هذه اللغات ضمن ثلاث وحدات: وحدة اللغات الجرمانية والسلافية (الترجمة التحريرية)، ووحدة لغات البحر الأبيض المتوسط (الترجمة التحريرية) ووحدة الترجمة الفورية.

 "أعتقد أن الدورات الدراسية في السنة الأولى كانت عامة جدا، وكنت سعيدة حقّا عندما تغيرت الأمور في السنة الثانية ما بعد الإصلاحات، وأصبح التركيز أكثر على فروع أكثر اختصاصا، وأصبحت الدروس تعنى أكثر بالجانب المهني. (...) وقع إحداث فرعين من فروع التخصص: وهما الاقتصاد والقانون. وهكذا أصبح بالإمكان التخصص في المادة نفسها من ناحية وتغيَّر أسلوب العمل من ناحية أخرى: فقبل هذا، لم يكن لدينا سوى دروس دينية عدى دروس الترجمة، ولكن أُدخلت لاحقا دروس الاقتصاد والقانون التي كانت تدرّس باللغة الأم للطالب/ة. " (مقتطف من مقابلة مع سوزان بالانسات)

نصّ قانون الجامعة الجديد الذي دخل حيز النفاذ سنة 1973، على إنشاء منصب رئيس/ة أصبح لاحقا يسمى عميد/ة اعتبارا من سنة 2011 عندما صارت المدرسة كليّة (انظر الجدول أدناه). وقد سعت الشخصيات البارزة التي تقلدت هذا المنصب الرفيع دائما إلى تحقيق التوازن بين التدريب الأكاديمي والتدريب المهني. وفي الواقع، اتسمت السبعينات أيضا بمناقشات محتدمة بشأن وضع هيئة التدريس؛ وكان الهدف هو إيجاد الصيغة الصحيحة التي تجسد كفاءة الأعضاء الأكاديمية مع السماح لهم بمواصلة ممارسة مهنتهم كمترجمين تحريريين و/أو شفويين.

دمج معهد الدراسات الدلالية والمعرفية مع مدرسة الترجمة


أنشئت جمعية دال مول معهد الدراسات الدلالية والمعرفية (Istituto Dalle molle di Studi Semantici e Cognitivi) سنة 1972، وهو معهد شارك في البحوث الأولى في مجال معالجة اللغات، بما في ذلك العلوم الإدراكية والدلالية. ويكفل هذا المعهد وجود سويسرا في المشاريع والبرامج الأوروبية الرئيسية في هذا المجال، وخاصة في مجال الترجمة الآلية. وانتقل مقرّ المعهد من مدينة لوغانو إلى مدينة جنيف سنة 1976، وبدأ حينها بالتعاون مع جامعة جنيف، ثم مع مدرسة الترجمة في مجال التعليم.  ولكن، بقي المعهد مستقلا حتى سنة 1998 وخلالها اندمج في مدرسة الترجمة تحت اسم وحدة المعالجة الحاسوبية (TIM).

 "شارك معهد الدراسات الدلالية والمعرفية سنة 1979 في مشروع هام جدا حول الترجمة بمساعدة الحاسوب نظمته الجماعة الاوروبية. وأعتقد أن ذلك تزامن مع بدء عملنا مع مدرسة الترجمة. (...) أتذكر أننا كنّا ندرّس الطلاب والطالبات في مدرسة الترجمة كيفية استخدام الحواسيب لتحليل اللغات الطبيعية - وكنا أول من قام بذلك. وفي ذلك الوقت، كانت مدرسة الترجمة المؤسسة الوحيدة التي كانت تقوم بهذا النوع من الأنشطة. (...) وكان هذا من أسباب ريادتها. " (مقتطف من مقابلة مع مارجريت كينج)

 انتقلت مدرسة الترجمة سنة 1978 إلى مقر حديث سعيا منها إلى مواصلة التحسن. وكان هذا المقر يوجد في مبنى المحاكم التجارية في جنيف الذي يقع في ساحة أغستان عدد 19. وقد دخلت تكنولوجيا المعلومات على مكتبة مدرسة الترجمة التي كانت أول مكتبة تجهّز بالحواسيب بين كلّ مكتبات الجامعة. وانضمت المدرسة سنة 1984 إلى شبكة المكتبات الجامعية لسويسرا الناطقة بالفرنسية، التي كانت تعتمد على فهرس محوسب يمكن الاطلاع عليه من أي مكان في سويسرا. وهناك، زادت مساحة المدرسة توسعا واقتنت معدات حديثة.

La bibliothèque de l’ETI, Place des Augustins
مكتبة مدرسة الترجمة في شارع أغستان

وبعد مرور 14 سنة، انتقلت المدرسة مجددا سنة 1992 إلى مبنى آخر لا يزال مقرها إلى اليوم، وهو مبنى أوني ماي الذي يقع في شارع بون دارف رقم 40.

وخلال التسعينات، تواصل تطور المؤتمرات والندوات والبحوث، والعلاقات الدولية، وتنقل الطلاب والتبادلات. وسنة 1996، عمدت مدرسة الترجمة إلى اتخاذ خطوة تجديدية أخرى وهي إنشاء دورة لتدريب مدرّسي الترجمة الشفوية للمؤتمرات. كما أنها لعبت دورا رائدا في مجال الترجمة القانونية عن طريق إنشاء فريق للبحث في مجال لغة القانون والترجمة التحريرية سنة 1998. ويندرج هذا المجال ضمن تخصصات شهادة التخرج الجديدة في الترجمة وشهادات الدراسات المتعمقة التي بدأت المدرسة في منحها ابتداء من السنة الدراسية 1999-2000.

 في مطلع الألفية، عززت مدرسة الترجمة قدراتها في مجال التكنولوجيا الجديدة. وهذا التطور ناجم عن عزيمة مارغريت كينغ وبرونو دي بيسي، الذي قام خلال فترة رئاسته (1999-2005) بإحداث شهادتي تخصص مبتكرتين وهما شهادة الدراسات العليا المتخصصة وشهادة الدراسات العليا في علم المصطلحات والترجمة بمساعدة الحاسوب. وانصهرت وحدة علم المصطلحات التي أنشئت سنة 1987 مع وحدة المعالجة الحاسوبية متعددة اللغات التابعة لمعهد الدراسات الدلالية والمعرفية، وأصبحتا معا قسم المعالجة الحاسوبية متعددة اللغات سنة 2003. وفي عصر التكنولوجيا الرقمية، تطور تدريب المترجمين الفوريين للمؤتمرات، وهنا، احتلت مدرسة الترجمة صدارة رائدي المجال: ففي سنة 2005، أطلقت المدرسة بوابةً للتعلم الإلكتروني في مجال الترجمة الفورية، وفي سنة 2007 بدأت أولى الاختبارات لتوفير التعليم عن بعد في مجال الترجمة الفورية.

من مدرسة الترجمة (ETI) إلى كليّة الترجمة (FTI)


مثلت السنة الدراسية 2005 نقطة التحول إلى استخدام نظام بولونيا، الذي يهدف إلى إنشاء منطقة أوروبية للتدريب الجامعي. وينص هذا الاتفاق الذي وقعه أكثر من 40 بلدا، بما في ذلك سويسرا، على إنشاء دورات دراسية لنيل شهادة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه تكون موحدة المعايير في أوروبا. ويسهّل هذا الاتفاق كذلك تنقل الطلاب بين الجامعات وبين البلدان. وبقيادة لانس هيوسون، الذي كان عميدا بين 2005 و2008 ومجددا بين 2010 و2014، أدى تفعيل نظام بولونيا إلى إدخال تعديلات عديدة لتحقيق المواءمة المطلوبة. وأصبحت مدرسة الترجمة توفر شهادة بكالوريوس في التواصل متعدد اللغات، وماجستير في الترجمة التحريرية، وماجستير في الترجمة الفورية للمؤتمرات، وشهادة دكتوراه كانت قد منحت لأول مرة سنة 2006. كما أنها زادت من عدد الشهادات التكميلية والتدريبات المستمرة التي تمنحها. ونتيجة لهذه التطورات، تغير وضع مدرسة الترجمة داخل جامعة جنيف للمرة الأخيرة سنة 2011 عندما أصبحت كلية الترجمة.


كلية الترجمة في مبنى أوني ماي

"لقد انتقلنا بالفعل إلى استخدام نظام بولونيا، وهو ما اعتبره البعض أمرا مؤسفا لأن عدد ساعات التدريس الفعلية في الترجمة قد انخفض. ومع ذلك، يمكن القول أيضا إنه ينبغي توسيع نطاق التعليم الجامعي ليشمل مواضيع أخرى متخصصة ومترابطة عدى المنهج الدراسي الرئيسي. نحن نقترح على طلابنا أنواعا مختلفة من شهادات الماجستير، وذلك ما يتيح لهم الفرصة لاختيار تدريب عملي موجه بوضوح نحو مهن الترجمة أو تدريب يعنى بالترجمة كموضوع بحث أكاديمي مما يمكنهم لاحقا من متابعة دراسات الدكتوراه. وكان هذا ناجحا جدا لأن عدد الأطروحات التي انجزت في كلية الترجمة ارتفع بسرعة في ذلك الوقت؛ وهذا فعلا نجاح حقيقي" (مقتطف من مقابلة مع لانس هيوسون).

وبين سنة 2014 وسنة 2018، وتحت رئاسة فرناندو بييرتو راموس، استجابت كلية الترجمة إلى تطور المهن اللغوية بإدخال ابتكارات تعليمية وتكنولوجية. فقد وقع تنقيح الخطط الدراسية لكلّ من البكالوريوس والماجستير التي أصبحت مقسمة منذ عام 2017 إلى عدة مجالات رئيسية: الترجمة المتخصصة (MATS مع أربع اختصاصات)، والترجمة والتكنولوجيات (MATT مع ثلاث اختصاصات)؛ والترجمة والاتصالات المتخصصة متعددة اللغات (MATCOM). كما وقع إحداث شهادة ماجستير في مجال معالجة الحاسوب متعددة اللغات (MATIM) ومدرسة دكتوراه افتراضية، وأصبحت كلية الترجمة عضواً مؤسساً في شبكة "شهادة الدكتوراه الدولية في دراسات الترجمة (ID-TS)".

ويبرز تطور الشهادات الممنوحة وتنوعها تطور مشاريع البحوث داخل الكلية. وقد شهدت هذه المشاريع في الآونة الأخيرة ازدهارا كبيرا بفضل استكشاف محاور جديدة للبحوث مما أدى إلى إنجاز مشاريع واسعة النطاق بما في ذلك على الصعيد الأوروبي. ولنذكر بضعة الأمثلة على ذلك: (ACCEPT)،  (بوابة تحرير المحتوى المجتمعي الآلي) في قسم المعالجة الحاسوبية متعددة اللغات، (MIME) (التنقل والإدماج في أوروبا المتعددة اللغات) في  مرصد "التدريب على لغات الاقتصاد" الملحق بإدارة الترجمة التحريرية، (LETRINT) (الترجمة القانونية في المؤسسات الدولية) في مركز دراسات الترجمة القانونية والمؤسسية (Transius)  أو (BabelDr)، وهو نظام ترجمة تلقائية للخطاب الطبي طورته وحدة المعالجة الحاسوبية بالتعاون مع المستشفيات الجامعية في جنيف التي تستخدمها في أقسام الطوارئ التابعة لها. وفي سنة 2019، أطلق أول برنامج عن بعد للحصول على شهادة البكالوريوس متعدد اللغات، عربي-فرنسي-إنجليزي. وفي سنة 2021، وقع إحداث بكالوريوس جديد في التواصل متعدد اللغات عن طريق لغة الإشارة، وكان ذلك تحت راية مركز الاتصالات دون حواجز الجديد.

 تتميز كلية الترجمة برفعة كلّ الأنشطة الأكاديمية التي تقدمها، وذلك بوصفها مركزا رائدا يرتبط بمدينة جنيف التي تعتبر عاصمة الترجمة التحريرية والترجمة الفورية في العالم. لقد أصبحت مدرسة أنطوان فيليمان الصغيرة، التي كانت مكرسة في الأصل للتدريب المهني فقط، مركزا للخبرة في مجال البحث والتطوير في مجال الترجمة التحريرية والترجمة الفورية على مر الزمن. وهي اليوم إحدى أبرز المؤسسات المعترف بها في مجال تخصصها، وتجتذب الطالبات والطلاب من جميع أنحاء العالم بفضل ما تقدمه من تعليم ممتاز ولغات التدريس والفرص المتاحة ما بعد الدراسة. وقد تطورت طرق التدريب فيها لترفع تحديات سوق العمل والتطورات العلمية وذلك بفضل هيئة التدريس التي يعمل جلّ أعضائها في المنظمات الدولية.

اليوم، وبعد مرور 80 عاما على إنشاء كلية الترجمة، لا تزال روح العمل التي زرعها فيها مؤسسها تدفعها نحو تحقيق أهدافها تحت راية التميز وخدمة المجتمع.


مقال يستند إلى المراجع التالية:

CAPEL ESTEVE, Carmen M. & CHAZAL, Axelle (2010). Les études en interprétation de conférence à l'ETI : Avant, pendant et après. Mémoire de maîtrise en interprétation de conférence, Université de Genève, Faculté de traduction et d’interprétation.

DURET, Patrice (1998). L’ETI : Toute une histoire… L’école de traduction et d’interprétation de 1941 à 1993. Travail de fin d’études non publié, formation BBS de bibliothécaire.

PRIETO RAMOS, Fernando (2014). Legal Translation Studies as Interdiscipline: Scope and Evolution. Meta: Translators’ Journal, 59(2), 260-277. doi: 10.7202/1027475ar.

TRUFFAUT, Louis (1980). L’École de traduction et d’interprétation de l’Université de Genève. Cahiers européens, 2, 82–96.

مقتطفان من الأرشيف : Historique de l’ETI, 1941–1975, 1976–2010.


 الرئيسات والرؤساء
 العميدات والعمداء منذ 2011

1973 - 1978
رونالد ويليامز
1978 - 1981
لويس تروفو
1981 - 1984
رونالد ويليامز
1984 - 1987
مارغريت ويسر 
1987 - 1990
رونالد ويليامز
1990 - 1996
لويس تروفو
1996 - 1999
ألبير ريباس-بويول 
1999 - 2005
برونو دي بيسي 
2005 - 2008
لانس هيوسون 
2008 - 2010
هانلور لي-جانك 
2010 - 2014
لانس هيوسون 
2014 – 2018
 فيرناندو بييرتو راموس 
2018 – 2022
بييرات بويون

ترجمة: صفاء الزواوي